عدم الخروج على الولاة وإن فسقوا وجاروا: أخرج مسلم عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له)).
قال ابن كثير في البداية والنهاية: ولما خرج أهل المدينة عن طاعته – أي: يزيد – وولوا عليهم ابن مطيع وابن حنظلة، لم يذكروا عنه – وهم أشد الناس عداوة له – إلا ما ذكروه عنه من شرب الخمر، وإتيانه بعض القاذورات… بل قد كان فاسقاً، والفاسق لا يجوز خلعه، لأجل ما يثور بسبب ذلك من الفتنة ووقوع الهرج – كما وقع في زمن الحرة - . وقد كان عبدالله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد، ولا بايع أحداً بعد بيعته ليزيد، كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل ابن علية: حدثني صخر بن جويرية عن نافع قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال: أما بعد فإننا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال:" هذا غدرة فلان )).
وإن من أعظم الغدر – إلا أن يكون الإشراك بالله- أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله وبيع رسوله، ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد، ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بيني وبينه . وقد رواه مسلم والترمذي من حديث صخر بن جويرية وقال الترمذي : حسن صحيح ا.هـ
والنصوص في تحريم الخروج متواترة من الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، وإليك طرفاً منها مختصراً :
أ / كل نص يدل على السمع والطاعة لولاة الأمر كقوله ) أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ( يدل على حرمة الخروج ، ومن ذلك ما روى مسلم عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( اسمع وأطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ))
وما روى مسلم – أيضاً – عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ))
وأخرج الآجري بإسناد صحيح عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر بن الخطاب: لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبداً حبشياً، وإن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك فقل: سمعاً وطاعة دمي دون ديني . وفي رواية أخرى: وإن ظلمك فاصبر .
فهذا إمام ظالم يأخذ الأموال ويضرب ويدعو لما فيه منقصة الدين، ومع ذلك أمرنا بالصبر والسمع والطاعة له في غير ما حرم الله . كما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة )).
ب / عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنّ يداً من طاعة)) رواه مسلم.
وهذا نص صريح في تحريم الخروج على الحاكم الفاسق لأنه أمرنا بكره المعصية وعدم نزع اليد من طاعة الله .
ج/ وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فماذا تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله، فأعرض عنه ثم سأله، فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ماحملتم ))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق