الدولة الوحيدة التي
تتباهى بتنامي فقراءها و تذلهم بقفة الخزي و العار
تعتبر الجزائر من بين أكثر دول العالم
الثالث غنا بالخيرات و المكنونات و المؤهلات
التي حباها الله بها من بترول ، غاز طبيعي ، الذهب ، وغيرها من المعادن
النفيسة الموجودة في أرضها ، والتي يستفيد منها نزر يسير من أهلها للأسف الشديد ،
فالمتمعن بالنظر في حال شعبها مقارنة بتصريحات حكامها يندهش و يصاب بالذهول ، فهي
الدولة الوحيدة في العالم ، على حد علمي التي تتباهى بتنامي فقرائها و معوزيها من خلال التباهي بتوزيع قفة
رمضان هذه العملية التضامنية في الظاهر ، فيما تخفي عدة مظاهر في الباطن ، ورغم أن
هذه العملية غير صحيحة في حد ذاته ، لأن الدولة تشجع شعبها على التسول و الخمول و
ترك العمل فهذه العملية تحمل تجاوزات خطيرة بداية من طريقة أو مناقصة منحها للتجار
و المستثمرين و كيفية إعداد و تحيين قوائم المستفيدين و طريقة توزيعها و التأخر
الفضح فيها وصولا إلى عدم بلوغها لمستحقيها رغم أنها ضمن برنامج مسطر من طرف
الدولة و تسهر عليه إطارات و منتخبين
محليين ، لأنه من المفترض عند الدول التي تحترم نفسها أن تقوم الجمعيات الناشطة في
هذا المجال بهذه العمليات التضامنية ، ولكن في الجزائر يوجد الملايين من الجمعيات
المعتمدة التي تخصص لها مبالغ ضخمة في كل ميزانية لا يعلم وجهتها إلا الله و
الراسخون في العلم ، فإنها لا تقوم بدورها الحقيقي مقابل ما تسنتزفها من أموال ،
هذا طبعا بإستثناء نزر قليل من تلك الجمعيات التي تعتمد غاليا على نفسها و تقوم
بدورها على أكمل وجه في المجتمع إيمانا منها بأهمية العمل الجواري و المجتمع
المدني
إن العملية التضامنية قفة رمضان في
الجزائر أصبح وسيلة للمنتخبين و السياسيين الراغبين في التداول على السلطة و
البقاء فيها لعهدات أخرى بشراء ذمم المنتخبين من الفقراء و المساكين و المعوزين
خاصة أن المجالس المحلية على أبواب نهاية العهدة و تنظيم إنتخابات أخرى في 29
نوفمبر حسبما اعلنه مؤخرا وزير الداخلية دحو ولد قابلية ، و يوجد صنف آخر من
القائمين على توزيع هذه القفة يتلذذون بجمع هؤلاء المعوزين في طوابير لا متناهية و
إذلالهم لأقصى درجة نساء و رجالات شيوخا و أطفالا في مظاهر مخجلة ، وآخرين يدرجون
عمالهم و مستخدميهم على إختلاف مستوى دخلهم من أجل شراء وفاءهم و تفانيهم في خدمة
مصالح مسئوليهم ، فالمبالغ المالية المخصصة في كل سنة لهذه العملية التي تتم في
اغالب بطرق ملتوية و تذهب لغير مستحقيها و تشهد فضائح في النهب من ميزانيتها و
الغش في المكيال و الميزان في المواد الغذائية التي تحتويها و إدراج مواد منتهية
الصلاحية و فاسدة من أجل التلاعب بصحة هؤلاء المحرومين من الفقراء و المعوزين الذين يتسابقون للحصول على القفة غير مبالين
بما فيها فرحة بها و هذا يعكس الوجه الخفي
و الحقيقي لهذه العملية التي أسموها زوار بقفة رمضان ، بل هي والله قفة الخزي و
العار التي تذل بها مواطنيها و تتفنن في إيذائهم ، وتعذيبهم و تحميلهم معاناة
طويلة من أجل الإستفادة من بعض اللقيمات من مواد غذائية رديئة و مغشوشة
.
رغم كل هذا لا تستحي الحكومة الجزائرية
الفاشلة و التي إنتهت صلاحيتها بعد الإنتخبات الأخيرة للمجلس الشعبي الوطني و
إنقضاء المهلة القانونية من أجل تغيير الحكومة التي حطمت أرقاما قياسية في
الفساد و لم تخجل من التباهي بتنامي
فقراءها بين الدول من خلال عرض أرقام لا يعتقد أحد بصحة بل يعارض كل مسؤول آخر
في إستعراضها , تتباهى بإرتفاع عدد قفة رمضان الموزعة كل سنة من خلال أرقام خيالية للفقراء و المعوزين الذين يتم إحصاءهم كل
سنة ، حيث من المفروض أن تخصص لهم تلك الميزانية الضخمة
التي ترص لعملية قفة رمضان في إنشاء مصانع و مؤسسات إقتصادية قوية يمكنها أن
تخلق مناصب عمل دائمة تكفيهم ذل السؤال و عار الإصطفاف طوابير أمام
البلديات ، حتى يصبحوا قادرين على إعالة
أنفسهم بأنفسهم و المساهمة في تنمية إقتصاد بلادهم و ترغيبهم و رفع همتهم في العمل و نبذ الكسل
،وبدل التباهي بتنامي عددهم و
التحكم في توزيع قفة عليهم في شهر رمضان
الكريم و إستعراضها بين الدول ،لأن
التباهي بعدد القفات الموزعة هو تباهي بعدد
الفقراء الموجودين بالجزائر ، وهذا
يعكس مكمن الخلل و قصور النظر لدى
القائمين على شؤون هذه الدولة
الجميلة التي تملك مؤهلات لتكون قوية و ذات مكانة أكبر بين الدول .
كريم حرش