http://www.aljazeera.net/NR/EXERES/2C17A84C-2239-4DF3-A841-4A7AD20F27FE.htm

الاثنين، 16 مايو 2011

خارج على القانون

اسمه كـريم واسم والـده عبد العزيز ولأن من أسماه كريماً كان يتوسم فيه الخير وكان يتمنى أن يشاهده في أعلى مقامات الحياة الاجتماعية ، ينتعل حذاء غوتشي ويقود اشهر السيارات العالمية ، بل توسم فيه أكبر من ذلك ، أن يكون شهماً ، نبيلاً ، خلوقاً ، تشتاق نفسه إلى فعل الخير وتعيف نفسه فعل الشر ، ولكنّ الحال حال دون تحقيق الأمر المحال بسبب أو بآخـر من مسببات ضنك العيش أو لأنه بكل بساطة لايملك أوراق ثبوتية تثبت بأنه فلان ابن فلان ، ولكن أمه تعلم وأباه يعلم وجاره يعلم وكل فرد في حيه يعلم بأنه فلان ابن فلان لذلك لم يتمكن من تحقيق أمنيات كثيرة كان يحلم بها والده ووالدته التي قاربت على الفناء ، بل لم يتمكن من تحقيق أبسط الاشياء ... أن يعيش بسلام بوجود القانون الوضعي .

ماذا يفعل ؟! ماذا يفعل ؟! ، حائر فكره ، مشغولة هي نفسه ،كل الخيارات متاحة أمامه ، وضنك العيش بداخله يصرخ : ابحث عن لقمة عيشك بأي وسيلة كانت. نظر من حوله فوجد أن صديقه كذّب نبوءة والده حينما تنبأ واستبشر به خيراً بعد ولادته فأطلق عليه اسم ( أبو الخير ) وذلك بعد أن امتهن مهنة بيع المخدرات والمسكرات حتى أصبح صديق حميم لكل غرف التأديب بمغافر الشرطة ولكنه على كل حال يجني الأموال الطائلة من هذه المهنة فلماذا لايمتهن هذا المنهج ثم بعد ذلك يتوب؟.وفي الجانب المقابل وجد صديق صديقه السابق من أشهر السارقين المحترفين في الحي فلماذا لايتدرب على يديه حتى يفوقه مهارة ثم يتوب ؟. كثيرة هي النماذج الخارجة على القانون التي عرضها - بكل تلميع وإتقان - ابليس على فكر كريم وبعد الكثير من التردد والتفكير وبلحظة حاسمة قرر كريم عبد العزيز أن يمتهن كل المهن وأن يعيش حياته خارجاً على القانون ولكن بشكل مختلف.
..مهنة دفع العربيات
( عربية عربية .. ها ياحاج عربيـة ؟ ) تحت أشعة الشمس المحرقة وفوق الاسفلت المشتعل ، وقف أكثر من كريم و أكثر من عزيز يرددون هذه العبارات بإلحاح شديد على جموع المعتمرين المتدفقين صوب الحرم ، بعضهم نال نصيبه وبدأ بدفع عربته والعرق يتصبب من جبينه ، والبعض الآخر مازال ينتظر بدون ملل أو تعب ، ولكن كانت هناك أعين تترصدهم وتراقبهم باستمرار من حيث لايشعرون ، تنتظر اللحظة الحاسمة للقبض عليهم لأنهم بكل بساطة مارقين خارجين على القانون. كبسة كبسة ... صيحة أطلقها أحدالكرماء الاعزاء عندما شاهد مجموعة من الاشاوس يحملون أجهزة لاسلكية يحيطون بالمكان على شكل كماشة ؛ بضع دقائق فقط كانت كفيلة بالقبض على العشرات من الكرماء بكراسيهم المتحركة وسط استنكار من جموع الزوار والمشاهدين . صُفع أحدهم على وجه لأنه قاوم الاعتقال ثم طرد من المكان حتى لايشاهد المسؤول مكان الجريمة ( الصفعة ) ثم اقتيد من اقتيد لتوقيف مخصص للكرماء يقع بجوار وقف ملك الانسانية حتى ينظر في أمرهم.
بعد ساعات من الحرمان والتوقيف قرر المسؤول ( جزاه الله خيراً ) الافراج عن كل الكرام بعد أن كتبوا على انفسهم تعهدات بعدم تكرار هذا الفعل المشين وإلاّ ستكون العقوبة مضاعفة وربما وصل الأمر للمحاكمة. عندها قرر كريم ومن معه من الكرماء البحث عن نشاط آخر بعد أن ضيق عليهم رجال القانون أكل عيشهم.
مهنة تعبئة جوالين زمزم
( ها ياعمي تبغاني اعيبلك الجوالين ؟ ) .. عبارة يسمعها كل مرتاد لبئر زمزم في كدي وصاحب هذه العبارة على يقين بأنه في خطر وقد يقبض عليه في أي لحظة بسبب التواجد الأمني المكثف حول البئر ولكن كريم لاتوجد لديه فرصة للتفكير بهذا الخطر لأنه على يقين بأنه لايفعل أمراً محرماً وهذا التواجد الأمني ربما لأمر آخر يجهله..شاهد كريم رجل طاعن في السن يوقف سيارته بجانب الطريق فتوجه إليه مباشرة وقال له ( ها ياعمي تبغاني اعيبلك الجوالين) ؟.. تبسم الرجل في وجهه ولأنه يحب الخير اتفق معه على أن يقوم بتعبئة الجوالين وإيصالها للسيارة مقابل مبلغ زهيد من المال . بعد أن اجتاز كريم بوابة العبور نحو صنابير المياه وقف مع الواقفين ينتظر دوره في التعبئة وبعد ساعات من الانتظار بدأت مياه زمزم تتدفق في الجوالين حتى فرغ من تعبئتها وهو يحمد الله أن من عليه بهذا الفضل ، قام كريم بحمل الجوالين وإيصالها للسيارة على حسب الاتفاق وبعد أن انتهى اغلق الباب وعرقه يتصبب فما كان من الرجل إلاّ أن كافئه بأضعاف أضعاف ما اتفق عليه بل شكره وأثنى عليه لأنه بحث عن الكسب الحلال ثم استودعه متمنياً له التوفيق .. كان هذا الرجل مسؤول في احدى الدوائر الحكومية وهو بطبيعة الحال أحد العاملين تحت مظلة ( تطبيق القانون ) . بضع دقائق أخرى وكريم يمسك ببعض الجوالين متوجهاً للبوابة ولكن حال بينه وبينهم الموج فكان من المغرقين ( امشي ياكلب لاعاد اشوفك هنا لا ادخلك الجيب ) أطلق كريم ساقيه للريح بعد أن قذف بالجوالين في وجه الرجل وولى هارباً لايعرف إلى أين يتجه.

كريم

ليست هناك تعليقات: