تراث سوريا تهدده الحروب و
الصراعات الإيديولوجية
لقد ذهلت لما يحدث في أرش
سوريا الجريحة من صراع و جبهات مفتوحة يدفع ثمنها المواطن السوري البسيط الذي يسفك
دمه هدرا ويراق بغير ذنب ، إلا أنهم خرجوا إلى الشوارع ليقولوا لزعيمهم "
إرحل " مثلما قالها نظراءهم في تونس ، مصر ، ليبيا ، اليمن ، لكنهم لم يتصوروا أن بلاد الشام لها خصوصية وميزة عن
باقي البلاد ، وأن المظاهرات ستتحول إلى حمام دماء و حرب ضروس لا يعلم نهايتها إلى
الله و الراسخون في العلم ، لأن الحسابات فيها بيد الدول العظمى التي تتنافس على
صنع القرار فيها و التحكم في الوضع بمباركة من العديد من الدول المجاورة الصديقة و
الشقيقة العربية و الإسلامية خدمة
لمصالحها ، وحدا للتوسع الشيعي البعثي بالمنطقة بقيادة إيران و حكم سوريا الطاغي
المستبد ، ولعل ما دفع مبعوث السلام " كوفي عنان " لتقديم إستقالته من
على رأس البعثة الأممية بشأن مفوضات السلام بين الجيش السوري الحر و النظام الحاكم
الفاسد ، كل هذا يوحي بأن الصراع بلغ أشده ، خاصة عندما نرى قوافل اللاجئين من
السوريين تحط رحالها بالآلاف في العديد من الدول العربية الشقيقة هروبا من بطش
الأسد و أذنابه ، و عناد الجيش الحر و أتباعه , وسط صراع القوى العظمى بالمنطقة
التي لها الفائدة الأولي في هذا الإقتتال ، فأصبحت سوريا على عظمة حضاراتها و إرثها التاريخي الذي
يرغب الأعداء في طمسه ، لأن المنطقة من الأكثر ثراء في العالم من الناحية الثقافية
و التاريخية ، يأتيها السياح من شتى أنحاء العالم منبهرين بعجائبها ، فرغم كل ما
تصدح به سوريا من عبق التاريخ و الحضارات المتعاقبة إلى أنها تحولت للأسف الشديد
إلى نقطة ساخنة في العالم بسبب بطش و جبروت قادتها ، الذين يرتكبون أبشع و أشنع
الجرائم في حق الإنسانية و يتعرضون لتجارب قاسية في النزاعات وفقدان الأهل و
الأقارب و تشريد الشعب و تحطيم البلاد ، وسط صمت رهيب و فشل ذريع للمنظمات الدولية
التي تراعى حقوق الإنسان وتدافع عنها في المحافل ، و تجميد القوانين و الإتفاقيات
التي تصون كرامة الإنسان و تحمي المدنين العزل و تعطي للشعوب حقها في تقرير مصيرها
حتى مع قادتها .
كريم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق