17 بحار نجوا من القراصنة الصوماليون ووقعوا في ظلم مسيري شركة إبيس
بعد مرور ثلاثة أشهر على عودة الطاقم البحري لسفينة البليدة التابعة لشركة إيبيس الجزائرية السعودية ، من الإختطاف على أيدي القراصنة الصوماليين لمدة فاقت عشرة أشهر ، خرج هؤلاء عن صمتهم ، ويطالبون بالتعويض من الشركة التي لم تسدد حتى أجورهم العالقة لزيد من 11 شهرا ، ويطالبون بالتدخل من السلطات العليا لإنصافهم ، و يقمون بإحتجاجات مستمرة من أجل الحصول على حقوقهم ، وقد إقتربنا من أحد أبناء مدينة بني صاف الذي كان من بين الطاقم البحري المعني ، وكان ضمن المختطفين و أجرينا معه هذا الحوار الشيق .
س) أولا كيف أحوالك السيد بن موسى ؟
ج) أنا بخير و الحمد لله في صحة و عافية بعد مراراة كبيرة وجحيم حقيقي ، لقد رأينا الموت قريبا منا ، أعيش في وسط العائلة أحاول أن أحتك برفاقي و اصدقائي و أعيش حياتي مئة بالمئة ، خاصة أننا أمضيت جزء كبير من حياتي متنقلا بين مختلف البلدان ، الحمد لله اليوم أنا أنعم في وسط العائلة ، بين أبناء الحي و المدينة التي تربيت فيها ، رغم الظروف المزرية التي مررنا به ، أقول اليوم الحمد لله رغم أننا نجد صعوبة كبيرة نحن لم يتم تعويضنا عن الاضرار التي لحقتنا نحن و عائلتنا ، و نحن بدون أجور منذ خمسة عشرا شهرا ، نعاني ولا أحد يبالي بنا
س) يمكن أن نعرف كيف كانت بدايتك مع البحر ؟
ج) أنا إبن منطة ساحلية لها عدة شواطئ جميلة و ميناء كبير أنا من مواليد 14-01-1958 بولهاصة بني صاف ، كبرت و ترعرعت في البحر منذ نعومة أظافري ، مارست مهنة الصيد البحري كبحار بأحد سفن الصيد الصيد البحري لعدة سنوات ، ثم ذهبت لأداء الخدمة الوطنية ، وبعدما رجعت جاءتني فرصة للدخول إلى الشركة الوطنية للنقل البحري بالعاصمة ، وقد بدأت مشواري معهم كبحار ، ثم تحصلت على عدة شهادات و تكوين في مجال الميكانيك البحري ، وبدأت العمل مع الشركة طيلة 32 سنة ، وواصلت بعدما تم حل بعض فروع الشركة و فتحها للشراكة مع مستثمر سعودي ، حيث أصبح الفرع يسمى إبيس و الكائم مقره بحيدرة بالجزائر العاصمة ، منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا شرعنا في العمل في مجال النقل البحري إلى أن حدثت المأساة التي تعرضنا لها في جانفي من سنة 2011 بعدما تم إختطاف السفينة التي كنا على متنها و المسماة البليدة و إطلاق سراحنا في 03 نوفمبر من نفس السنة ، عدنا ووجدنا أنفسنا في وضعية معلقة مع هذه الشركة و ندين لها بأجور شهرية عالقة تترواح ما بين 11 إلى 15 شهرا لفائدة 17 بحار جزائري كانوا ضمن طاقم سفينة البليدة التي إختطفت ، من بين 270 بحار جزائري يعملون بهذه الشركة التي يسيرها أجانب حيث تملك الجزائر 51 بالمئة ، و المستثمر السعودي 49 بالمئة ، و كنا نحن طاقم سفينة البلدية 27 شخص منهم 06 من أوكرانيا ، 02 من الفبين ، 01 من الأردن ، 01 من أندونيسيا ، بالإضافة إلى 17 جزائري .
س) هل يمكننا أن تروي لنا كيف تمت عملية الإختطاف من طرف القراصنة الصوماليين ؟
ج) نعم بكل تأكيد ، لم أكن استطيع أن أروي هذه المأسي من قبل بسبب الصدمة النفسية التي تعرضت لها ، لكن اليوم أنا الحمد لله بخير ، ذاك اليوم العصيب ، يوم السبت 01 جانفي 2011 خرجنا في الصباح الباكر من ميناء سلطنة عمان محملين بالإسمنت ، من أجل نقله إلى كينيا ، وقد سبق أن قمنا بعدة جولات في ذلك الإقليم ، ولكن المنطقة كانت محميا أيضا من طرف أسطول حلف الناتو المتواجد عن طريق دوريات مكثفة بتلك المنطقة لحماية السفن التي تمر ، لكن بمجرد خروجنا من ميناء سلطنة عمان ، و على بعد حوالي 125ميلا ، تعرضنا لهجوم من طرف القراصنة الذين كانوا على متن سفينة تونسية مختطفة تسمى حنبعل ، في يوم السبت 01 جانفي 2011 حيث كانوا مدججين بالسلاح الثقيل ، و تم إعتراض السفينة ، تم تجميعنا 27 شخص في غرقة القيادة الضيقة ، ننام على الأرض عيشنا الويلات ، لم يكن بوسعنا المقاومة أو الإعتراض لأن القراصنة كانوا حوالي 20 ، لا يمكنني أن أنسى ذلك اليوم العصيب ، لقد كنت بصدد الخروج في إجازة لأنني لم أزر عائلتي منذ ستة أشهر ، كما أني كنت على وشك إنهاء العقد الذي يربطني بهذه الشركة لكن شاءت الأقدار أن يمتد غيابي عن عائلتي لستة عشر شهرا كاملة ، عشرة اشهر إختطاف و ستة اشهر عمل بعيدا عن الجزائر و عن عائلتي ، على كل حال تلقينا عذابا نفسيا كبيرا ، و لم نآكل لمدة طويلة ، حيث وصلنا إلى الصومال بعد أربعة ايام سير عبر البحر ، تملكنا الخوف بمجرد الوصول إلى معسكرات هؤلاء القراصنة في جنوب الصومال ، لقد شعرنا بقرب الأجل ، لم نكن نتصور أننا سنعود لديارنا ، لم نقم بأي محاولة للهروب أن الحراسة كانت شديدة علينا وكان هؤلاء القراصنة منظمين و لهم معدات و تجهيزات بحرية كبيرة ، جلعتنا نفقد الأمل تماما ، سمعنا عن زعيم كبير لهم يقال له قرواد معلم ، كان مهيبا يخافه الجميع ، حتى إبنه يبلغ من السن 12 سنة يحمل السلاح في يده ويضرب به بشكل عادي جدا ، وحتى أطفال آخرين في تلك المعسكرات يلعبون بالاسلحة بشكل عادي لمدة نفهم شيئا ، وكانت علينا حراسة مشددة ، ونظرا لتعرض إثنين منا لوعكة صحية ، و المفاوضات التي كان يجريها بعض قادة القراصنة ، مع قادة من حلف الناتو ، وكان زميلنا توجي عز الدين مريضا جدا حيث اصيب في قلبه نتجية ماعانينه من ويلات ، رفقة زميل آخر من دولة أوكرانيا ، يدعى نيكولا أيضا كان يعاني من المرض الشديد ظننا أن المسألة إنسانية ، لكن تبين فيما بعد أنه قضية تبادل هذين الشخصين بأربعة أسرى من الصومال كانوا معتقلين بكينيا ، حيث جاءت مروحية أمريكية عليها جنود أمركيون ، وقائد سامي ، حيث أخذ المريضين و أعطاهم أربعة صوماليين كانوا اسرى ،عند ذلك عرفنا أنه لا مجال لنا من النجاة بسهولة ، كما قام هؤلاء القراصنة عن طريق سفينتنا البليدة بإختطاف سفينة أخرى سورية تدعى خالد محي الدين ، وسفينة إيرانية تدعى سين ، ولما علمنا بأن أغلب السفن التي تم إختطافها قبلنا مثل حنبعل و السفينة المصرية ، لم تمكث سوى خمسة أشهر ، بينما نحن كنا قضينا معهم عشرة اشهر و ايام مع هؤلاء القراصنة عشنا فيها الويلات ، و الجحيم وعرفنا أنه لا نجاة لنا مع هؤلاء القراصنة ، تدهور حالتنا الصحية و إزداد الضغط الدولي علينا حسبما كنا سمعه على أفواه هؤلاء القراصنة فيما بينهم ، إلى أن جاءت ساعة الفرج في يوم الخميس 03 نوفمبر 2011 تم إطلاق صراحنا ، وإنطلقنا بإتجاه كينيا حيث كان في إستقبالنا وفد رسمي على رأسهم سفير الجزائر بكينيا ، لكن تعطل السفينة حرمنا من الوصول في الوقت حيث تعطلت بسبب إختلاط المازوت بالماء وقد وصلنا يوم 12 نوفمبر 2011 إلى شاطئ مالنبي بكينيا ، حيث تنقل الفود إلينا و تم إستضفتنا بفندق تابع للسفارة ، ثم توجهنا في طائرة عسكرية من كينيا إلى مطار بوفاريك بالجزائر ، حيث كان في إستقبالنا وفد رسمي تم نقلنا إلى مستشفى عين النعجة بالجزائر العاصمة تلقينا العلاج المكثف لمدة ستة ايام كاملة ، ثم عدنا إلى بيوتنا .
س) خلال عوتكم إلى بيوتكم كيف كان شعوركم ؟
ج) يا أخي العودة إلى الديار ، كانت بمثابة ميلاد جديد بالنسبة لي كنت أظن أنني لن ألتقي بأبنائي و زوجتي و والدتي لكن الحمد لله عدت سالما معافى وهذا بفضل من الله ، لقد شعرت براحة كبيرة خلال عودتي رغم أنني كنت في صدمة إلى أن فرحة إحتضان العائلة مجددا كانت كبيرة ، تحدثت عنها لا يمكنني وصفها ، شعور جميل ، ولكن تريد الحقيقة سرعان ما بدأت أفقد الثقة في نفسي و في البلاد ، لأنني تعرضت للتهميش من طرف مسسؤولين الشركة إبيس رفقة طاقم آخر من 17 بحار جزائري لم نتلقى أجورنا الشهرية العالقة ، و التعويضات عما تعرضنا له عند الإختطاف و الإبتعاد عن أهلينا لمدة عشرة أشهر و أيام ، أنا الآن متذمر و يائس .
س) تعني أنكم لم تتلقوا تعويضا و لا أجور شهرية ؟
ج) نعم لم نتلقى لا تعويضات و لا أجور شهرية لمدة خمسة عشر شهرا ، ولم يكلمنا أحد و أو يتصل للإستفسار عن حالنا سواءا من مسيري شركة إييس التي ، نعمل لديها و التي تخلت عنا تماما حيث قمنا بالإحتجاج مرارا و تكرارا أمام مقر الشركة بالعاصمة ، ولكن بدون جدوى ، وسندخل في إضراب عن الطعام حتى يتم إنصافنا ، ونحن ننشاد السلطات العليا في البلاد بالتدخل لإنصافنا ، لأننا بدون مصادر دخل لعائلاتنا رغم أنا تعرضنا لظروف قاسية و لم يتم تعويضنا الشركة تملك عقود تأمين دولية ، وستتلقى التعويض عما نتج لها من ضرر ، رغم أن المتضرر الأكبر هم نحن البحار الذين تعرضنا للعذاب النفسي و المعاناة لأكثر من عشرة أشهر سئمنا هذه الأوضاع ز
س) كلمة أخيرة ؟
ج) أنا استغرب ما يحدث لنا في ارضنا الجزائر على أيدي مسيرين أجانب أين حقوقنا كعمال , كجزائريين لم يتم إنصافنا عكس العمال الأجانب الذين كانوا معنا في طاقم بحري واحد وتم إحتجازنا لمدة واحدة ، تم تعويضهم ، ونحن لم نتلقى حتى أجورنا الشهرية العالقة هذا ظلم كبير ، نحتاج لمن ينصفنا و يأتي لنا بحقوقنا ، حيث سنرفع دعوى قضائية على الشركة ، ولكن نتساءل عن غياب الدولة ، فقد تعرضنا للمرض و الخوف و الإرهاب ، فقدنا حقائبنا و جميع أغراضنا و لحقنا أذى كبير جراء ذلك و بعائلتنا .
حواره / حرش أنس عبد الرحمان